أثر الرسوم المتحركة على القيم العقدية للطفل
إعداد
د. هدى بنت محمد الغفيص
مستشارة مدير عام التربية والتعليم للبنات بمنطقة القصيم
................................................
القيم ووسائل الإعلام
تعريف القيم :
"هي مجموعة المعايير والمثل والمبادئ التي وردت في الكتاب والسنة ودعا الإسلام إلى الالتزام بها" وهي "الأحكام التي يصدرها المرء على أي شيء مهتديًا في ذلك بقواعد ومبادئ مستمدة من القرآن والسنة وما تفرع عنهما من مصادر التشريع الإسلامي ..."
تصنيف القيم :
لقد صنف الباحثون القيم الأخلاقية إلى أقسام عدة منها :
القيم المرتبطة بمقاصد الشريعة مثل حفظ الدين _حفظ النفس ......
القيم المرتبطة بالعقيدة الإسلامية مثل الإيمان بالله _ الإيمان بالملائكة ....
وهذا القسم هو مجال دراستنا .
وبما أن سعادة الفرد في الدنيا والآخرة مرتهن بسلامة عقيدته , ولما للرسوم المتحركة من تأثير في توجيه سلوك الأطفال والأبناء لذاكان من المهم دراسة ما تحققه هذه الوسيلة التربوية لدى الطفل , فما هي القيم التي غرستها وماذا عززت في هذا الجانب ؟؟؟
وللإجابة على هذا التساؤل كانت الدراسة الآتية :
أثر الرسوم المتحركة على القيم العقدية للأطفال
تمهيد:
إن بإمكان إعلام الطفل إنجاز الكثير في مجال تثبيت القيم العقدية لدى الأطفال ,لما له من تأثير في توجيه سلوك الأطفال , وبما أن مرحلة الطفولة هي حجر الأساس في بناء وتكوين القاعدة العقدية ، حيث يولد الطفل على الفطرة سهل الانقياد سريع التأثر هيِّنا ليِّنا ، يستطيعُ المربي توجيهه كيفما أراد ، لذا كان لزاما علينا العناية بهذه الشريحة وبنائها عقديا على أُسُسٍ متينةٍ مِن العقيدة الصحيحة ؛ لأن الطفل يتشرب عقائده من الجو المحيط به تشربا تلقائيا.
وأطفالنا هم اللبنة الأولى للمجتمع المسلم ،لذلك أوجب الله تعالى علينا الاهتمام بهم منذ أولى مراحل خلقهم ،كي نحيطهم بسياج رباني ونحميهم به بإذن الله تعالى من الشيطان الرجيم لأنهم ولدوا على كماقال تعالى{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}(الروم:30)
وهم أمانة استرعانا الله إياها ونحن مسئولون عنها قال تعالى : {وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}(المعارج:32)
وغير خافٍ على أحد ما استجد في عصرنا الحاضر من انتشار وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ومالها من عظيم أثر على خُلُقيَّاتِ وسلوك الأطفال ، حيثُ باتت تلعبُ دورًا مُهِمًّا في صياغةِ العقولِ والتوجُّهَاتِ والمعتقداتِوكذلك إنَّ " مرحلةَ الطفولةِ المبكِّرَة ، وهي عُمُرِيًّا مِن سِنِّ الثالثةِ حَتَّى السادسةِ ، وتربويًّا هي مرحلةُ رياضِ الأطفالِ أو ما قبلَ المدرسة تُرْسِي إلى حَدٍّ بعيدٍ الدعائمَ الرئيسيةَ التي يقوم عليها تطوُّر نُمُوِّ شخصيةِ الطفلِ ، وهي الأساسُ التكوينيُّ الذي يقومُ عليه بناءُ الشخصيّةِ حيثُ تتحدَّدُ السماتُ الرئيسيّةُ للشخصيّة "
مقدمة الدراسة:
إنَّ الدور الكبير الذي تلعبه الرسوم المتحركة في جذب أطفالنا ، وشَدِّ انتباههم ، والقدرة على إمتاعهم بالساعاتِ جعلهم ينصرفون عن أساسيات عِدَّة ، مِنها : التعاملُ الأسريُّ ، حيثُ أثَّرَتْ الرسومُ المتحرِّكةُ على مشاهديها الصغارِ فاتخذوها سَلْوَةً عن الأهل والإخوان ، وصرفوا عليها أوقاتًا لم يصرفوها على كتبهم الدراسية ، حتى أصبحت رسومه المتحركة " تحتلُّ المركز الأول في الأساليب الفكريَّة المؤثِّرة على عقله " ، وكذلكَ غمس الطفلُ في بيئةٍ غير بيئتهِ ، وثقافةٍ غير ثقافته مِمَّا قد يخلق لدى الطفلِ عَدَمَ توافقٍ مع الحياةِ مِن حوْلـه ؛ لأنَّها تُخَالِفُ قناعاته ، وهذه فكرةٌ خطيرةٌ جِدًّا لو خُلِّيَ بينها وبينَ الطفلِ ، كما وأنَّ النسبةَ الأعلى لِمَا يُتَابِعُهُ الأطفالُ هو الرسومُ المتحرّكة المستوردة من بلاد غير عربية ، وليسَ هذا فقط هو مَكْمَنُ الخطورةِ ؛ بلْ إنَّ " قطاعًا كبيرًا مِن الآباءِ ، والأمَّهَاتِ لا ينتبه لخطورةِ أثرها على الأطفالِ، فيلجأُ إلى شغلِ أوقاتِ الصغارِ بها هَرَبًا مِن عُرِيِّ الفضائيات وتفسخها، والتماسًا لملاذٍ أمين وحِصْنٍ حصينٍ يَجِدُ فيه الأمنَ على أبنائه ، وتأتي مِن سرعة تفاعل الأطفالِ مع مادتها ، وشِدَّة حرصهم على متابعتها ، وزيادة ولعهم بتقليد أبطالها ".
مُجْمَلُ الأمور السابقةِ جَعَلَتْ مِن المناسب أنْ تكونَ الدراسةُ عن الرسوم المتحرّكة ؛ لا سِيَّمَا وأنَّ انشغالَ الوالدين في الغالب وتقصيرهم في دورهم في تربية النشء ؛ جَعَلَ مِن الواجبِ علينا تَجْلِيَةُ هذا الخطر ، ومعرفةُ طرقِ علاجه والوقايةِ مِنه ، واستثمارُ مَحَبَّةِ الأطفالِ للرسوم المتحركة بانتقاءِ ما هو هادفٌ وتربويٌّ مِمَّا وَافَقَ عقيدتنا الإسلامية ،
وأسباب اختيار الموضوع تتمثل فيما يلي :
1- أن الطفولة هي فترة تهيئ الإنسان لاستقبال القيم و العقائد .
2- أن الأطفال يتأثرون بما يرون بنسبة تَفُوقُ الكبار ، بسبب مستوى قدراتهم العقلية المحدودة وقلة تجربتهم .
3 - أنه لا يختلف اثنان على أهمية بناء أساس قوي للفرد المسلم وبهذا نتمكن من غرس العقيدة الصحيحة التي يستطيع معها الطفل نقد وصد ما يخالفها عندما يكبر .
4 - أن ما يكتسبه الطفل من قيم و عقائد له أثر عظيم في تكوين شخصيته بحيث لا يمكن إغفاله.
5 - أن العقيدة التي ترتبط بفكر الطفل عن الله تعالى في طفولته ستبقى وتعلق وترسخ وسيقوم عليها بناء عقدي سليم .
6 – أنْ نَعِي الاقترانَ الواضحَ بينَ العقيدةِ الصحيحةِ والأخلاقِ الفاضلةِ مِن جهة وبينَ العقيدةِ المنحرفةِ والأخلاقِ المرذولةِ مِن جهة أخرى .
7 - أنه كلما بدأنا بتقويم الانحرافات العقدية مبكرا زادت أمامنا فرص الإصلاح .
8 - الدور الكبير الذي تقوم به وسائل الإعلام وعظيم أثرها في ترسيخ العقائد ومحاربة الانحرافات والعقائدِ الفاسدة .
9 - أن معرفة الوالدين لآثار وسائل الإعلام على عقيدة الطفل وقيمه يقلل من الآثار السلبية لها ويساعد على الاستفادة من الجوانب الحسنة فيها.
10 - يوجد في وسائل الإعلام المتعلقة بالطفل ما هو جيد وما هو رديء ، وخاصة وقد بدا هذا الانفتاح بين شعوب العالم الذي نشهده اليوم ، ومن المهم جدا سَبْرُ وتتبع آثار وسائل الإعلام في أفكارنا وسلوكنا ، وخاصة ما يتعلق بالطفل المسلم .
11 – العنايةُ بأثر وسائل الإعلام على الطفلِ تِعْنِي الاهتمامَ بوسيلةٍ تؤثر في القادر على القراءة وغير القادر على القراء ة .
12 – أنَّ وسائلَ الإعلامِ إذا أُحْسِنَ توجيهها وإعمالها مِن حيث مستوى العرض ، وقَبْلَهُ فَنِّيَّةُ قَوْلَبَتِهِ بما يناسب الطفلَ له أثرٌ عاجلٌ وآجل على عقلية الطفل .
13 – أنَّ الأثرَ الذي تُخَلِّفُهُ وسائلُ الإعلامِ المرئيةُ ليسَ ظاهرًا على كُلِّ حالٍ وقابلاً للقياسِ كَيْ نُلْغِي ما لا يناسب ونَبُثَّ ما هو جَيِّدٌ ، وإنَّما أثرها تراكميٌّ متفاوتٌ مِن طفلٍ لآخَر ، ومِن وسيلةٍ لأُخْرَى ، لذا كانَ مِن الضروريِّ دراسةُ الرسائلِ الموجَّهَةِ للطفلِ فَمِن خلالها نعلم مَدَى فائدتها له أو إضرارها به .
14- أن الحاجة ماسة لطرق هذا الموضوع لخطورته على القيم العقدية لأبنائنا وأجيالنا
15 – الأملُ في أنْ يُوَلِّدَ اختيارُ مثل هذا الموضوعِ ليسَ فقط الاهتمام بالطفلِ في بلادنا بل آمل أنْ ننافس كُبْرَى الدول المعنية بأدب الطفل المقروء والمرئي ، والتي تكتب في قضايا الأطفالِ وتترجمها إلى معظم لغات العالم ، أَوَ لَيْسَتْ رسالةُ الإسلامِ أحَقَّ بهذا الجهد مِن أبناءها ؟
منهج البحث:
القسم النظريُّ :
أ / دراسة العقيدة المراد جَعْلها مقياسًا تُعْرَضُ عليه كافة مخرجات العينة .
ب / مقارنة مخرجات عينة الدراسة مع عقيدة أهل السنة والجماعة للوقوف على مدى موافقتها أو مخالفتها لها ، وأثر ذلك على القيم العقدية للطفل .
أما القسم العمليِّ :
فيتعلَّق هذا بكيفية اختيار عينة الدراسة ، وطرق جمعها ، والنظام الذي تم اتباعه في جمعها ، وقد تم العمل فيه على النحو التالي :
أولاً : تحديد مجتمع البحث الكلِّي : وقد كانَ عبارة عن أفلام الرسوم المتحركة التي تَمَّ بَثُّهَا عام ( 1425 هـ ) على فترات متفاوتة ، وذلكَ في كُلٍّ مِن :
- قناة spaceToonللأطفال
- قناة ARTللأطفال
- قناة المجد للأطفال
- القناة الأولى في تلفزيون المملكة العربية السعودية
- عينة مِن أفلام الفيديو تم اختيارها وَفْقَ الضوابط الآتية :
1 / نتائج استطلاع الرأي الذي تم توجيهه لبعض أصحاب محلات بيع أشرطة الفيديو .
2 / نتائج استطلاع الرأي الذي تم توجيهه لبعض أمَّهاتِ الأطفال .
3 / تكرار بَثِّ المادة في القناة الأولى في تلفزيون المملكة العربية السعودية .
ثانيًا : طريقة اختيار العيِّنة : شَمِلَتْ عَيِّنَةُ الدراسةِ نوعين مِن طرق اختيار العيِّنة وهي العينة " الفرضية أو القصدية ،حيثُ قامُ الباحثُ باختيار هذه العينة اختيارًا حُرًّا على أساس أنَّها تحقِّقُ أغراض الدراسة التي يقوم بها الباحث ، في مثل هذه الحالة يُقَدِّر حاجته إلى المعلوماتِ ويختارُ عَيِّنَةً بما يُحَقِّقُ غرضه " ، هذا مِن حيث الكفاية وعدمها ، أمَّا مِن حيث طريقة اختيار العينة الفرضية مِن مجتمع البحث فقد تَمَّت بأسلوب العيِّنة المنتظمة " وهي شكلٌ مِن أشكالِ العيِّنة العشوائية ، يتم اختيارها في حالة تجانس المجتمع الأصلي ، فهذه العينة تُسمَّى مُنتَظِمَة ،وذلكَ إذا اخترنا مسافةً ثابتةً منتظمة بين كُلِّ رقمٍ والرقم الذي يليه" والرقمُ المنتظم الذي حَدَّدْتُه لمتابعة عينة الدراسة لَدَيَّ وتسجيلهاكانَ : ثمانيةُ أيَّامٍ بين كُلِّ تسجيلٍ والذي يليه .
ثالثًا : تقسيم العينة : تم تقسيم عينة البحث وَفْقَ المعايير التي تسير عليها الجهةُ المقدِّمة لها، وقد قُسِّمَتْ إلى قسمين :
- القسم الأول : الرسوم المتحركة المقدَّمة في قناة spacetoon وقناة ARTللأطفال وأفلام الفيديو من شركة والت ديزني والأفلام المدبلجة .
- القسم الثاني : الرسوم المتحركة المقدَّمة في قناة المجد للأطفال ، الْمُعَاد إنتاجها وَفْقَ ضوابط محددة تشمل : خلوها مِن الموسيقى ، والمشاهد المخلَّة بالآداب.
رابعًا : طريقةُ دراسة العيِّنة : تم العملُ في دراسة عينة البحث وَفْقَ منهجٍ وَصْفِيٍّ هو: تحليلُ المحتوى ، أو : تحليلُ المضمون ، وهو " عبارةٌ عن طريقة بحث يتم تطبيقها مِن أجل الوصول إلى وَصْفٍ كَمِّيٍّ هادفٍ وَمُنَظَّم لمحتوى أسلوب الاتصال ".
خامسًا : الضوابط التي تم اعتبارها عند اختيار عينة الدراسة : إنَّ مِن شروطِ اختيار العيِّنة " أنْ تكونَ كافيةً ، ومُمَثِّلَةً ، أيْ : تكون تستوفي كافة الشروط الموجودة في المجتمع الأصلي ، وأنْ تكونَ مُعَبِّرَةً عن خصائصه ".
لذا عُنِيتُ أنْ يكونَ اختيارها وَفْقَ الضوابط التالية :
1 / أنْ تكونَ شاملةً لكافةَ أيَّامِ الأسبوع .
2 / أنْ تكونَ شاملةً لمختلفِ أوقاتِ اليوم ، حيثُ تم التسجيلُ صباحًا ، وظهرًا ، وعصرًا ، وبعد المغربِ ، وبعد العِشَاء .
3 / أنْ تكونَ شاملةً لأوقاتِ الدوام الرسميِّ ، ووقت الإجازات .
سادسًا : مَراحلُ تحليل محتوى العيِّنَة : تم تحليل محتوى العيِّنَة على مرحلتين :
المرحلة الأولى : مشاهدة العيِّنة كاملةَ لرصد إيجابيات الْمَشَاهِد المعروضةِ .
المرحلة الثانية : مشاهدة العيِّنة مرة أخرى لرصد سلبيات الْمَشَاهِد المعروضةِ .
ثم تَلا ذلكَ دراسة هذه المشاهد الإيجابية والسلبية ، ومقارنتها بالعقيدة الصحيحة لمعرفة الأثر المترتِّب على مشاهدتها ، ومِن ثم توثيق ما ذُكَر ،بواسطة الرسوم البيانية المرفقة والله الموفق .
ملخص نتائج الدراسة :
1_علاقة عمر الطفل بحجم التعلق بوسائل الإعلام دلت نتائج الدراسة أن تعلق الأطفال بوسائل الإعلام بلغ 75% لدى الإناث عند عمر ثلاث سنوات و70% لدى الذكور عند عمر خمس سنوات .
2 _ مسمى الوسيلة التي يقبل الأطفال على مشاهدتها دلت نتائج الدراسة أن 50% يقبلون على مشاهدة الفضائيات بينما 40 % يقبلون على مشاهدة الفيديو و10 % يقبلون على مشاهدة التلفاز .
3_ أثر محتوى الرسوم المتحركة على نفسية الطفل دلت نتائج الدراسة أنأعلىتأثير نفسي على الإناث كان عند تخيل الجن والشياطين حيث بلغت نسبته 56 % بينما أعلى نسبة لدى الذكور كانت عند تخيل وجود شرور في الفضاء وذلك بنسبة 53 % .
4_ الإيجابيات والسلبيات الواردة في عينة الدراسة المتعلقة بالقيم العقدية ضمن (القسم الأول ) دلت نتائج الدراسة أن نسبة العبارات الموافقة بلغت 5 % في جانب الإيمان بالله و 1 % في جانب الإيمان بالملائكة و2 % في جانب الإيمان بالكتب و1 % في جانب الإيمان بالرسل و1 % في جانب الإيمان باليوم الآخر و1 % في جانب الإيمان بالقدر خيره وشره .
أما نسبة العبارات المخالفة فقد بلغت 61 % في جانب الإيمان بالله و 7 % في جانب الإيمان بالملائكة و7 % في جانب الإيمان بالكتب و4% في جانب الإيمان بالرسل و3 % في جانب الإيمان باليوم الآخر و7 % في جانب الإيمان بالقدر خيره وشره .
5_ الإيجابيات والسلبيات الواردة في عينة الدراسة المعززة للقيم العقدية ضمن (القسم الثاني ) دلت نتائج الدراسة أن نسبة العبارات الموافقة بلغ 56% في جانب الإيمان بالله و 6 % في جانب الإيمان بالملائكة و 7 % في جانب الإيمان بالكتب و7 % في جانب الإيمان بالرسل وصفر % في جانب الإيمان باليوم الآخر و18% في جانب الإيمان بالقدر خيره وشره .
أما نسبة العبارات المخالفة فقد بلغت 6 % في جانب الإيمان بالله و صفر% في جانب الإيمان بالملائكة وصفر% في جانب الإيمان بالكتب وصفر% في جانب الإيمان بالرسل وصفر% في جانب الإيمان باليوم الآخر وصفر% في جانب الإيمان بالقدر خيره وشره .
التوصيات:
سننطلق في هذه التوصياتِ " مِن ميثاقِ حقوقِ الطفلِ العربي الذي يَنُصُّ على أنَّ تنميةَ الطفولةِ ورعايتها وصَوْنِ حقوقها مُكَوِّنٌ أساسي مِن مُكوناتِ التنميةِ الاجتماعيةِ ؛ بل هو جَوْهَرُ التنميةِ الشاملةِ ، والطفولةُ هي المستقبلُ والعاملُ الحاسمُ في صنعتهِ ، ورعايتها أولويةٌ مقدمةٌ على جهودِ التنميةِ ".
1 – تحديدُ الهدفِ مِن العملِ وماذا سيقدّم وأيَّ قيمة عقديةٍ سيرسخُ لدى الطفلِ، حيثُ أنَّ وضوحَ الهدفِ مِن أساسياتِ النجاحِ .
2 – أنْ لا يكونَ العملُ بمنأى عن الطفلِ رغمَ أنه مُوَجَّهٌ لـه ، فمن الضروريِّ أنْ يكونَ العملُ نتاجَ دراسةٍ فاحصةٍ لخصائصِ الطفلِ النفسيةِ وخصائصِ نموه وعناصرِ التأثير عليه سواء بالصوتِ أو الصورةِ وما فيها مِن لونٍ وخلفياتٍ وغيره ، حَتَّى تكونَ هذهِ البرامجُ حصيلةَ دراساتٍ عميقةٍ للجوانبِ المختلفةِ ؛لتكونَ النتائجُ المتوقعةُ بإذنِ اللَّه محسوبةً ؛ فالطفلُ كُلٌّ يكملُ بعضه البعض .
وسأوردُ فيما يلي بعضاً مِن الخصائصِ التي ينبغي أنْ يضعها صانعو برامجِ الأطفال أمامَ أعينهم ، وهي :
* – البعدُ عن إنتاجِ أو إعادةِ إنتاج ِما فيه زرعُ الخوفِ في قلبِ الطفلِ ، فهو في مرحلةٍ مهيأٌ نفسياً لتقبل هذهِ المثيراتِ والتأثُّرِ بها " حيث أنَّ الطفلَ مِن سنتين إلى خمسِ سنواتٍ يخافُمِن الوِحْدَةِ ومِن الناِر ومِن بعضِ الحيواناتِ ومِن الأشياءِ الخياليةِ مِثلَ الأشباحِ والعفاريت ".
فينبغي تجنبُ تصويرِ هذهِ المشاهدِ التي لَنْ تُخْرِجَ لنا إلا أطفالاً مضطربين نفسياً يعتريهم الخوفُ الذي قد يصلُ بهم إلى المرضِ والعياذُ باللَّه ،
*– إنَّ بناءَ شخصيةِ الطفلِ التي تتم بواسطةِ رسومه المتحرّكة ينبغي أنْ لا تكونَ عناصرُ بِنَاءِهَا مُتَّسِمَةً ببثِّ القيم مِن خلالِ جرعةٍ كبيرةٍ مِن البكاءِ فهذا لا يبني إلا شخصيةً ضعيفةً غير قادرةٍ على تَحَمُّلِ الصعابِ ؛ وإنما تبثُّ القيمَ مِن خلالِ القوالبِ المرِحَة والأفكارِ التفاءليةِ السعيدة .
3– إعلامُ الطفلِ مِن قَبْلِ أنْ يكونَ هوايةً فهو عِلْمٌ قَبْلَ أنْ يكونَ مهنةً فهو فَنٌّ ومهارةٌ ، فهل تم تحقيقُ هذهِ المنظومةِ في إنتاجِ الأطفالِ .
4– الإفراطُ في استخدامِ الخيالِ أمرٌ في غايةِ الخطورةِ على تكوينِ مُدْرَكَاتِ أطفالنا فينبغي أنْ يكونَ إدراجه بصورةٍ قليلة ؛ إذْ هو على الطفلِ أعظمُ خطرًا منه على الكبير " فينبغي عدمُ الإفراط فيما هو تَخَيُّلِيٌّ بل يجبُ أنْ ترتبطَ الرسوم المتحركة بالحياةِ الواقعيةِ حتى يتمكنَ أنْ ينمي الأطفالُ ميولهم نحو أشياءَ حقيقيةٍ في المجتمعِ الذي يعيشونَ فيه " وأيضاً ينبغي تجنبُ المبالغةِ في القِصَصِ الخياليةِ رغمَ أهميتها في اتساعِ خيالِ الطفلِ وخصوبةِ تفكيرهِ حتى لا يؤدي ذلكَ إلى تشويهِ الحقائق المحيطة به وتقوية نموه العقلي ".
وهذا لنْ يَتِمَّ إلا إذا أحسنَ الجميعُ مِن والدين ومسئولي إعلام ومنتجي رسوم متحرّكة تحديدَ الهدفِ مِن هذا العملِ هل هو تسليةٌ أمْ لتحقيقِ أهدافٍ تَمَّ تحديدها وبعد ذلكَ يتم العمل .
إنَّ المنْتَظَرَ والمأمولَ ليس تنقيةَ الرسومِ مِن الشوائبِ حتى لا تؤثرَ على عقيدةِ الطفلِ بل الواجبُ أنْ تسعوا جاهدينَ لغرسِ العقائدِ الإسلاميةِ بدءً بالإيمانِ باللَّه وانتهاءً باليومِ الآخِر .
5 _ إنَّ سياسةَ سَدِّ المنافذِ بالنسبةِ للأسرةِ قدْ تتعذَّر على البعضِ ، عَلَيْهِ فَمِن أمانةِ الوزارةِ تدشينُ حملاتٍ تَوْعَوِيَّةٍ على مستوى دولي لبيانِ أثر ِالرسومِ المتحركةِ على الطفولةِ يُستهدفُ فيها الوالدانِ بالدرجةِ الأولى والعلماءُ وأصحابُ رؤوسِ الأموالِ ، حملةً منبثقةً مِن حقائقَ ومشاهداتٍ تكفلُ تجاوبَ الجميعِ معها .
الخاتمة
- أظهرت الدراسةُ أنَّ فترةَ تَعَلُّق الأطفال بوسائل الإعلام مرتفعةٌ عند سِنِّ الثالثة للذكور ، والخامسةِ للإناث ، وهذه أخطر مراحلِ نمو الطفل وبناء أفكاره ومعتقداته .
- أظهرت الدراسةُ عدمَ إدراك نسبة عالية مِن الأمهات لدور الرسوم المتحركة في ترسيخ القيم العقدية الصحيحة مِن عدمها لدى الأطفال ؛ حيثُ أنَّ ثلثي مجتمع الدراسة لم يجزم بأثر الرسوم المتحركة في بناء عقيدة الطفل ،وهذا يَنُمُّ عن حاجةٍ ماسَّةٍ لإعادةِ بناء ما يشاهده الأطفال .
- أظهرت الدراسةُ دورَ الرسوم المتحركة في بناءِ خيالِ الطفل ، الذي يقوده لِتَبَنِّي قناعاتٍ في غاية الخطورة على نفسية الطفل وعقليته .
- أنَّ قضيةَ الرسوم المتحرّكة وأثرها على الطفلِ رغمَ ما وقفتُ عليه مِن تحذيراتٍ مِن عدد مِن المهتمين بالطفولةِ ؛ غيرَ أنَّ هذه القضيةَ ورغمَ عِظَمِ مُتَعَلّقِهَا لَمْ تُطْرَحْ بصورةٍ تلاءم وتساوي مستوى الخطر المحدق بأطفالنا .
- أنَّ الحديثَ عن أثر الرسوم المتحرّكة الموافق مِنها للمعايير القيمية الإسلامية هو بحاجةٍ إلى دراسةٍ حتى لا تكونَ الغايةُ مِن السماحِ للطفلِ بمشاهدته التسليةُ فقط ، وإيجادُ البديل ، لكن الواجبَ معرفته ماذا قَدَّم هذا البديلُ ؛ إذْ الملاحظُ أنَّ غالبيةَ البدائلِ تُعْنَى بعدم إيرادِ ما يخالف المعايير الإسلامية لكن أهملت جانبًا مهمًا وهو : كيفَ نساهم في غرسِ العقائد الإسلامية وِفْقَ خُطَّةٍ مدروسةٍ مناسبةٍ لِعُمْرِ المتلقِّي .
- إنّ إهمالَ فتحِ الحوارات على مستوى المعنيين بالطفولة مِن العلماءِ والتربويين والإعلاميين عن أثر الرسوم المتحرّكة على قيم أطفالنا والسماح للطفلِ بأنْ يعيشَ في ثقافةٍ غير ثقافته نتيجتها إذا كَبِرَ هي الشعور بالتناقض المهول بين ثقافة المجتمعِ الذي رَبَّاهُ عبرَ الرسومِ المتحرّكة وبينَ ثقافةِ مجتمعه الذي هو البيئةُ التي يجبُ أنْ يتعايشَ معها .
- مِن الآثارِ الخطيرةِ أيضًا إضعافُ انتماءُ الطفلِ لبيئته ووطنهِ ؛ لأنَّ غالبَ ما يشاهده ويتربَّى عليه في الرسوم المتحرّكة مِن بيئةٍ وأشخاص مِن مجتمعٍ لا ينتمي لمجتمعنا لغةً ولا سِمَة.
- إنَّ مِن أسبابِ تأثير الرسوم المتحركة على أطفالنا التقصيرُ في جانب الحوار مع الأطفال ، وهذا مطلبٌ نفسيٌّ ينبغي العنايةُ بتحقيقه للوقوفِ على ماهيةِ أفكارِ أطفالنا وإصلاحِ الخلل أولاً بأوّل .
- أنَّ أعلى نسبة تكرار وردت للمخالفات كانت في الركن الأول مِن أركانِ الإيمان وهو : الإيمانُ بالله عز وجل ، وهذا فيه هَدْمٌ لعقائدَ بحاجةٍ إلى تدعيم وتأسيس .
- إنَّ أَهَمَّ الخلاصاتِ التي توصلتُ إليها أنَّ صلاحَ الثمرةِ عائدٌ لصلاحِ كافةِ قنواتِ تغذيتها ، فنحن بحاجةٍ إلى وِحْدَةٍ في الجهودِ ، وتكاتفٍ على كافةِ الأصعدةِ لحمايةِ نشئنا , والجميعُ مُنَاطٌ بهم مسؤوليةُ الدفاعِ عن عقيدتنا الإسلامية كُلاًّ في مجاله ، فكُلُّنَا راعٍ وكُلٌّ مسؤولٌ عن رعيته .
- تلكَ كانت بعض النتائج التي توصَّلتُ إليها ، وما هذا إلا جُهْدُ الْمُقِلِّ ، هدفتُ مِنه إبراء الذِّمَّةِ ، ونشرَ الحقائقِ التي وقفتُ عليها ، ويَفْرِضُ عَلَيَّ تَشَرُّفِي بانتمائي للإسلامِ أنْ أُبَيِّنَ ما يشاهده ناشئةُ المسلمين مِن رسومٍ متحرّكة تُحَطِّمُهُم عقديًّا ونفسيًّا وصِحِّيًّا ؛ إنْ لَمْ يَدَّارَكَنَا الله برحمته ومَنِّهِ وتوفيقه بأنْ يُيَسِّرَ لجميعِ القائمين على مسؤولية تربية نشء المسلمين بانتقاءِ ما يمكن تصفيته ، ومنعُ ما لا طَاقةَ لَنَا بتنقيته ، والوقوف مع مَن خَطا نَحْوَ تحقيقِ إعلامٍ هادفٍ يخدمُ جميعَ جوانب ناشئتنا دَعْمًا ومساهمةً ، فالمرءُ قليلٌ بنفسه كثيرٌ بإخوانه .
هذا وما كانَ مِن صوابٍ فَمِن المولى لَهُ سابغُ الشكرِ والعرفانِ ، وما كانَ مِن خَطَأٍ فَمِن نفسي ، وأسألُ الله الغفران